منتديات حزن العشاق

منتديات حزن العشاق (http://www.chat-hozn3.com/vb/index.php)
-   القران الكريم والحديث النبوي الشريف (http://www.chat-hozn3.com/vb/forumdisplay.php?f=221)
-   -   تفسير ابن كثير ( متجدد ) (http://www.chat-hozn3.com/vb/showthread.php?t=394456)

جاروط 01-03-2022 06:17 PM

تفسير ابن كثير
@@@@@@



( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىظ°) [الليل : 10]

( فسنيسره للعسرى )
أي : لطريق الشر ، كما قال تعالى :
( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) [ الأنعام : 11 ] ، والآيات في هذا المعنى كثيرة دالة على أن الله ، - عز وجل - يجازي من قصد الخير بالتوفيق له ، ومن قصد الشر بالخذلان . وكل ذلك بقدر مقدر ، والأحاديث الدالة على هذا المعنى كثيرة :

رواية أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد : حدثنا علي بن عياش ، حدثني العطاف بن خالد ، حدثني رجل من أهل البصرة ، عن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، عن أبيه قال :
سمعت أبي يذكر أن أباه سمع أبا بكر وهو يقول :
قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ، أنعمل على ما فرغ منه أو على أمر مؤتنف ؟
قال : " بل على أمر قد فرغ منه " .
قال : ففيم العمل يا رسول الله ؟
قال : " كل ميسر لما خلق له " .

رواية علي ، رضي الله عنه :
قال البخاري ، حدثنا أبو نعيم : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي بن أبي طالب قال :
كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بقيع الغرقد في جنازة ، فقال :
" ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار " .
فقالوا : يا رسول الله ، أفلا نتكل ؟
فقال : " اعملوا ، فكل ميسر لما خلق له " .
قال : ثم قرأ : ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ) إلى قوله : ( للعسرى ) .

وكذا رواه من طريق شعبة ووكيع ، عن الأعمش ، بنحوه ثم رواه عن عثمان بن أبي شيبة ، عن جرير ، عن منصور ، عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه :
كنا في جنازة في بقيع الغرقد ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقعد وقعدنا حوله ، ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت بمخصرته ، ثم قال :
" ما منكم من أحد - أو : ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار ، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة " .
فقال رجل : يا رسول الله ، أفلا نتكل وندع العمل ؟
فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى أهل السعادة ، ومن كان منا من أهل الشقاء فسيصير إلى أهل الشقاء ؟
فقال : " أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاء فييسرون إلى عمل أهل الشقاء " .
ثم قرأ : ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ) الآية .

وقد أخرجه بقية الجماعة ، من طرق ، عن سعد بن عبيدة ، به .

رواية عبد الله بن عمر :
وقال الإمام أحمد :
حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله قال : سمعت سالم بن عبد الله يحدث عن ابن عمر : قال : قال عمر :
يا رسول الله ، أرأيت ما نعمل فيه ؟
أفي أمر قد فرغ أو مبتدأ أو مبتدع ؟
قال : " فيما قد فرغ منه ، فاعمل يا ابن الخطاب ، فإن كلا ميسر ، أما من كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة ، وأما من كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء " .

ورواه الترمذي في القدر ، عن بندار ، عن ابن مهدي ، به وقال : حسن صحيح .

حديث آخر من رواية جابر :
قال ابن جرير :
حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله أنه قال :
يا رسول الله ، أنعمل لأمر قد فرغ منه ، أو لأمر نستأنفه ؟
فقال : " لأمر قد فرغ منه " .
فقال سراقة : ففيم العمل إذا ؟
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل عامل ميسر لعمله " .

ورواه مسلم عن أبي الطاهر ، عن ابن وهب ، به .

حديث آخر :
قال ابن جرير : حدثني يونس ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن طلق بن حبيب ، عن بشير بن كعب العدوي قال :
سأل غلامان شابان النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالا يا رسول الله ، أنعمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير ، أو في شيء يستأنف ؟
فقال : " بل فيما جفت به الأقلام ، وجرت به المقادير " .
قالا ففيم العمل إذا ؟
قال : " اعملوا فكل عامل ميسر لعمله الذي خلق له " .
قالا فالآن نجد ونعمل .

رواية أبي الدرداء :
قال الإمام أحمد :
حدثنا هيثم بن خارجة ، حدثنا أبو الربيع سليمان بن عتبة السلمي ، عن يونس بن ميسرة بن حلبس ، عن أبي إدريس ، عن أبي الدرداء قال :
قالوا : يا رسول الله ، أرأيت ما نعمل ، أمر قد فرغ منه أم شيء نستأنفه ؟
قال : " بل أمر قد فرغ منه " .
قالوا : فكيف بالعمل يا رسول الله ؟
قال : " كل امرئ مهيأ لما خلق له " .

تفرد به أحمد من هذا الوجه .

حديث آخر :
قال ابن جرير :
حدثني الحسن بن سلمة بن أبي كبشة ، حدثنا عبد الملك بن عمرو ، حدثنا عباد بن راشد ، عن قتادة ، حدثني خليد العصري ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" ما من يوم غربت فيه شمسه إلا وبجنبتيها ملكان يناديان بصوت يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين :
اللهم أعط منفقا خلفا ، وأعط ممسكا تلفا " .
وأنزل الله في ذلك القرآن : ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ) .

ورواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن ابن أبي كبشة ، بإسناده مثله .

حديث آخر :
قال ابن أبي حاتم :
حدثني أبو عبد الله الطهراني ، حدثنا حفص بن عمر العداني ، حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة ، عن ابن عباس ; أن رجلا كان له نخل ، ومنها نخلة فرعها إلى دار رجل صالح فقير ذي عيال ، فإذا جاء الرجل فدخل داره وأخذ الثمر من نخلته ، فتسقط الثمرة فيأخذها صبيان الفقير فنزل من نخلته فنزع الثمرة من أيديهم ، وإن أدخل أحدهم الثمرة في فمه أدخل أصبعه في حلق الغلام ونزع الثمرة من حلقه . فشكا ذلك الرجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بما هو فيه من صاحب النخلة ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اذهب " .
ولقي النبي - صلى الله عليه وسلم - صاحب النخلة ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :
" أعطني نخلتك التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة "
فقال له : لقد أعطيت ، ولكن يعجبني ثمرها ، وإن لي لنخلا كثيرا ما فيها نخلة أعجب إلي ثمرة من ثمرها .
فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - فتبعه رجل كان يسمع الكلام من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن صاحب النخلة .
فقال الرجل : يا رسول الله ، إن أنا أخذت النخلة فصارت لي النخلة فأعطيتها أتعطيني بها ما أعطيته بها نخلة في الجنة ؟
قال : " نعم " . ثم إن الرجل لقي صاحب النخلة ، ولكلاهما نخل ، فقال له : أخبرك أن محمدا ، [ قد ] أعطاني بنخلتي المائلة في دار فلان نخلة في الجنة ، فقلت ، له :
قد أعطيت ولكن يعجبني ثمرها . فسكت عنه الرجل ، فقال له : أتراك إذا بعتها ؟
قال : لا إلا أن أعطى بها شيئا ، ولا أظنني أعطاه .
قال : وما مناك بها ؟
قال : أربعون نخلة .
فقال الرجل : لقد جئت بأمر عظيم ، نخلتك تطلب بها أربعين نخلة ؟!
ثم سكتا وأنشأ في كلام [ آخر ] ثم قال :
أنا أعطيتك أربعين نخلة ، فقال :
أشهد لي إن كنت صادقا .
فأمر بأناس فدعاهم فقال :
اشهدوا أني قد أعطيته من نخلي أربعين نخلة بنخلته التي فرعها في دار فلان ابن فلان . ثم قال : ما تقول ؟
فقال صاحب النخلة : قد رضيت .
ثم قال بعد : ليس بيني وبينك بيع لم نفترق قال له :
قد أقالك الله ، ولست بأحمق حين أعطيتك أربعين نخلة بنخلتك المائلة .
فقال صاحب النخلة : قد رضيت على أن تعطيني الأربعين على ما أريد .
قال : تعطينيها على ساق .
ثم مكث ساعة ، ثم قال : هي لك على ساق وأوقف له شهودا وعد له أربعين نخلة على ساق ، فتفرقا ، فذهب الرجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إن النخلة المائلة في دار فلان قد صارت لي ، فهي لك .
فذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرجل صاحب الدار فقال له :
" النخلة لك ولعيالك " .
قال عكرمة : قال ابن عباس : فأنزل الله - عز وجل - : ( والليل إذا يغشى ) إلى قوله : ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ) إلى آخر السورة .

هكذا رواه ابن أبي حاتم ، وهو حديث غريب جدا .

قال ابن جرير :
وذكر أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه :
حدثني هارون بن إدريس الأصم ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال :
كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة ، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن ، فقال له أبوه : أي بني ، أراك تعتق أناسا ضعفاء ، فلو أنك تعتق رجالا جلداء يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك ؟!
فقال : أي أبت ، إنما أريد - أظنه قال - ما عند الله.
قال : فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية أنزلت فيه :
( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ) .

جاروط 01-04-2022 07:03 AM

تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ) [الليل : 11]

وقوله : ( وما يغني عنه ماله إذا تردى ) قال مجاهد : أي إذا مات .
وقال أبو صالح ، ومالك عن زيد بن أسلم : إذا تردى في النار.


( إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ) [الليل : 12]

قال قتادة : ( إن علينا للهدى ) أي : نبين الحلال والحرام .
وقال غيره : من سلك طريق الهدى وصل إلى الله . وجعله كقوله تعالى : ( وعلى الله قصد السبيل ) [ النحل : 9 ] . حكاه ابن جرير.


( وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَىٰ):[الليل : 13]

قوله تعالى "إن لنا للآخرة والأولى" أي الجميع ملكنا وأنا المتصرف فيهما.

جاروط 01-04-2022 08:23 PM

تفسير ابن كثير
@@@@@@@


( فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىظ°) [الليل : 14]

وقوله : ( فأنذرتكم نارا تلظى ) قال مجاهد : أي توهج .

قال الإمام أحمد :
حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، سمعت النعمان بن بشير يخطب يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يقول :
" أنذركم النار [ أنذرتكم النار ، أنذرتكم النار ] حتى لو أن رجلا كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا .
قال : حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، حدثني أبو إسحاق : سمعت النعمان بن بشير يخطب ويقول :
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة رجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منها دماغه " .
رواه البخاري

وقال مسلم :
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو أسامة ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ، ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا ، وإنه لأهونهم عذابا ".

جاروط 01-05-2022 11:48 PM

تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى) [الليل : 15]

قوله تعالى "لا يصلاها إلا الأشقى" أي لا يدخلها دخولا يحيط به من جميع جوانبه إلا الأشقى.

( الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىظ°) [الليل : 16]

ثم فسره فقال :
( الذي كذب ) أي : بقلبه ، ( وتولى ) أي : عن العمل بجوارحه وأركانه .

قال الإمام أحمد :
حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا عبد ربه بن سعيد ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" لا يدخل النار إلا شقي " .
قيل : ومن الشقي ؟
قال : " الذي لا يعمل بطاعة ، ولا يترك لله معصية " .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا يونس وسريج قالا حدثنا فليح ، عن هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" كل أمتي تدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى " .
قالوا : ومن يأبى يا رسول الله ؟
قال : " من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى " .

ورواه البخاري عن محمد بن سنان ، عن فليح ، به

جاروط 01-06-2022 06:37 PM

تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) [الليل : 17]

قوله تعالى "وسيجنبها الأتقى" أي وسيزحزح عن النار التقي الأتقى.



( الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىظ°) [الليل : 18]

قوله "الذي يؤتى ماله يتزكى" أي يصرف ماله في طاعة ربه ليزكي نفسه وماله وما وهبه الله من دين ودنيا.

( وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىظ°) [الليل : 19]

"وما لأحد عنده من نعمة تجزى" أي ليس بذله ماله في مكافأة من أسدى إليه معروفا فهو يعطي في مقابلة ذلك وإنما دفعه ذلك.

( إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىظ°) [الليل : 20]

"ابتغاء وجه ربه الأعلى" أي طمعا في أن يحصل له رؤيته في الدار الآخرة في روضات الجنات.

جاروط 01-07-2022 11:30 AM

تفسير ابن كثير
@@@@@@


( وَلَسَوْفَ يَرْضَىظ°) [الليل : 21]

قال الله تعالى : ( ولسوف يرضى ) أي :
ولسوف يرضى من اتصف بهذه الصفات .

وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك . ولا شك أنه داخل فيها ، وأولى الأمة بعمومها ، فإن لفظها لفظ العموم ، وهو قوله تعالى : ( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى ) ولكنه مقدم الأمة وسابقهم في جميع هذه الأوصاف وسائر الأوصاف الحميدة ; فإنه كان صديقا تقيا كريما جوادا بذالا لأمواله في طاعة مولاه ، ونصرة رسول الله ، فكم من دراهم ودنانير بذلها ابتغاء وجه ربه الكريم ، ولم يكن لأحد من الناس عنده منة يحتاج إلى أن يكافئه بها ، ولكن كان فضله وإحسانه على السادات والرؤساء من سائر القبائل ; ولهذا قال له عروة بن مسعود - وهو سيد ثقيف ، يوم صلح الحديبية - :
أما والله لولا يد لك كانت عندي لم أجزك بها لأجبتك . وكان الصديق قد أغلظ له في المقالة ، فإذا كان هذا حاله مع سادات العرب ورؤساء القبائل ، فكيف بمن عداهم ؟ ولهذا قال : ( وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ) وفي الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" من أنفق زوجين في سبيل الله دعته خزنة الجنة :
يا عبد الله ، هذا خير " ، فقال أبو بكر :
يا رسول الله ، ما على من يدعى منها ضرورة فهل يدعى منها كلها أحد ؟
قال : " نعم ، وأرجو أن تكون منهم " .

آخر تفسير سورة " الليل " ولله الحمد والمنة.

جاروط 01-08-2022 09:16 AM

تفسير ابن كثير
@@@@@@

( وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا) [الشمس : 3]

وقوله :
( والنهار إذا جلاها ) قال مجاهد : أضاء .
وقال قتادة : ( والنهار إذا جلاها ) إذا غشيها النهار .

قال ابن جرير : وكان بعض أهل العربية يتأول ذلك بمعنى : والنهار إذا جلا الظلمة ، لدلالة الكلام عليها .

قلت : ولو أن هذا القائل تأول [ ذلك ] بمعنى ( والنهار إذا جلاها ) أي : البسيطة ، لكان أولى ، ولصح [ تأويله في ] قول الله ( والليل إذا يغشاها ) فكان أجود وأقوى ، والله أعلم . ولهذا قال مجاهد : ( والنهار إذا جلاها ) إنه كقوله : ( والنهار إذا تجلى ) [ الليل : 2 ] . وأما ابن جرير فاختار عود الضمير في ذلك كله على الشمس ، لجريان ذكرها.

جاروط 01-08-2022 05:19 PM

تفسير ابن كثير
@@@@@@


( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا) [الشمس : 4]

وقالوا في قوله : ( والليل إذا يغشاها ) يعني :
إذا يغشى الشمس حين تغيب ، فتظلم الآفاق .

وقال بقية بن الوليد ، عن صفوان ، حدثني يزيد بن ذي حمامة قال :
إذا جاء الليل قال الرب جل جلاله :
غشي عبادي خلقي العظيم ، فالليل يهابه ، والذي خلقه أحق أن يهاب . رواه ابن أبي حاتم.

( وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) [الشمس : 5]
وقوله :
( والسماء وما بناها ) يحتمل أن تكون " ما " هاهنا مصدرية ، بمعنى : والسماء وبنائها . وهو قول قتادة ، ويحتمل أن تكون بمعنى " من " يعني : والسماء وبانيها . وهو قول مجاهد ، وكلاهما متلازم ، والبناء هو الرفع ، كقوله : ( والسماء بنيناها بأيد ) أي : بقوة ( وإنا لموسعون والأرض فرشناها فنعم الماهدون ) [ الذاريات : 47 ، 48 ] .

جاروط 01-09-2022 11:21 AM

تفسير ابن كثير
@@@@@@

( وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا) [الشمس : 6]

وهكذا قوله : ( والأرض وما طحاها ) قال مجاهد :
( طحاها ) دحاها .
وقال العوفي ، عن ابن عباس :
( وما طحاها ) أي : خلق فيها .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس :
( طحاها ) قسمها .

وقال مجاهد ، وقتادة والضحاك ، والسدي ، والثوري ، وأبو صالح ، وابن زيد :
( طحاها ) بسطها .

وهذا أشهر الأقوال ، وعليه الأكثر من المفسرين ، وهو المعروف عند أهل اللغة ، قال الجوهري :
طحوته مثل دحوته ، أي : بسطته.


( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) [الشمس : 7]

وقوله : ( ونفس وما سواها ) أي :
خلقها سوية مستقيمة على الفطرة القويمة ، كما قال تعالى : ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) [ الروم : 30 ]

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ؟ " .
أخرجاه من رواية أبي هريرة

وفي صحيح مسلم من رواية عياض بن حمار المجاشعي ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" يقول الله - عز وجل - : إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ".

جاروط 01-09-2022 10:44 PM

تفسير ابن كثير
@@@@@@


( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) [الشمس : 8]

وقوله :
( فألهمها فجورها وتقواها ) أي :
فأرشدها إلى فجورها وتقواها ، أي : بين لها ذلك ، وهداها إلى ما قدر لها .

قال ابن عباس :
( فألهمها فجورها وتقواها ) بين لها الخير والشر . وكذا قال مجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، والثوري .

وقال سعيد بن جبير :
ألهمها الخير والشر .

وقال ابن زيد :
جعل فيها فجورها وتقواها .

وقال ابن جرير :
حدثنا ابن بشار ، حدثنا صفوان بن عيسى وأبو عاصم النبيل قالا حدثنا عزرة بن ثابت ، حدثني يحيى بن عقيل ، عن يحيى بن يعمر ، عن أبي الأسود الديلي قال :
قال لي عمران بن حصين :
أرأيت ما يعمل فيه الناس ويتكادحون فيه ، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق ، أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وأكدت عليهم الحجة ؟
قلت : بل شيء قضي عليهم .
قال : فهل يكون ذلك ظلما ؟
قال : ففزعت منه فزعا شديدا ، قال :
قلت له : ليس شيء إلا وهو خلقه وملك يده ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
قال : سددك الله ، إنما سألت لأخبر عقلك ، إن رجلا من مزينة - أو جهينة - أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال :
يا رسول الله ، أرأيت ما يعمل الناس فيه ويتكادحون ، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق ، أم شيء مما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم ، وأكدت به عليهم الحجة ؟
قال : " بل شيء قد قضي عليهم " .
قال : ففيم نعمل ؟
قال : " من كان الله خلقه لإحدى المنزلتين يهيئه لها ، وتصديق ذلك في كتاب الله :
( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها )

رواه أحمد ومسلم ، من حديث عزرة بن ثابت به.


الساعة الآن 09:39 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
منتديات حزن العشاق